وأجرت مراسلة وكالة "إكنا" للأنباء القرآنية الدولية في لبنان الإعلامية "ريما فارس" حواراً مع القارئ الحج "هيثم رعد" هيثم سليم رعد من بلدة "بدنايل" محافظة البقاع خريّج جمعية القرآن الكريم .
بدايةً سُئل القارئ الحج"هيثم رعد" عن الصفات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها قارئ القرآن الكريم؟
فأجاب: لا بد ممن يحمل صفة القارئ أو العامل بكتاب الله أن يتزن بأخلاق وصفات القرآن الكريم وأن يكون أمام الخلق نبراساً يحتذى به ويقتدي به من يروم طريق الحق ، وقد ورد في الآية التاسعة من سورة الإسراء المباركة :
- أَعُوِذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطانِ الرِّجِيم
إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا . صَدَقَ اللهُ العَلِيُّ العَظيمْ
إذاً لا بد من التحلي بالأخلاق العليا والصفات الحميدة التي نص عليها كتاب الله وأن تكون ملازمة له في كل أحواله وتصرفاته وتعامله مع كل الناس صغيرهم وكبيرهم شيخهم وجليلهم ، حينها يصبح الهدي به كما ورد في الآية المباركة هو تقويم وصقل لهذه الشخصية وبالتالي ينعكس هذا الخير والصفات التي تحمل الخير على كل المجتمعات التي ترتوي من معين القرآن ، لذا فالصفات التي على القارئ أن تكون شخصيته تبدأ من التحلي بالأخلاق القرآنية الطيبه ، ومنها ينبثق كيفية المعاملة الحسنة والصبر وحسن الجوار وإفشاء السلام وهذا ما أمر به رسول الرحمة محمد (ص) وقد أراد توجيهنا إليه في تبيانه مكنون عظمة الرسالة التي بعث من أجلها ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) وهو لخير دليل على فاعلية هذه الفضيلة في نشر الخير على كل من سبق .
وفي السؤال عن كيف يمكن للقارئ القرآن تحسين تلاوته والالتزام بقواعد التجويد؟
كان جواب الحج "هيثم رعد": في بداية الأمر على كل طالب أن ينمي قدراته في التعامل مع القرآن تلاوة وفهماً وتدبراً ومنهاج حياة .
لذا عليه أن يتوكل على الله في بداية هذا المسار المنير وأن يتابع المنهج التعليمي في إطار علم التجويد بدأ من الدرجة الأولى في دورة تصحيح التلاوة وهكذا إلى أن يرتقي بتلك الدورات مع العمل والجد على متابعة الطريق دون كلل أو ملل ، ولا ضير في عدم المعرفة بهذه العلوم إنما في الإبتعاد عنها وإهمالها ، ومن هنا تأتي أهمية التعلم والتدرج بتلك الدورات التي تعنى بذلك حتى الوصول إلى درجة الإتقان من الدورات التخصصية وأن لا يقف عند هذا الحد لأن منهج كتاب الله واسع ، فعليه بكثرة الإستماع إلى كبار القراء والمدارس التي أرست معالم هذا العلم للنهل منها والتزود بها وبالتالي يصبح القارئ مجيداً مع المثابرة في التحصيل الدراسي بقواعد التلاوة مجتمعة ( تجويداً وترتيلاً وحفظا ) .
وعن دور الاجتماعي لقارئ القرآن في المجتمعات الإسلامية؟ كان رد الحج "هيثم رعد" أن مجتمعاتنا الإسلامية عطشى لتلك العقول النيرة التي تضيء الدرب وتضفي عليه رونقاً من الجمال في السلوك الإيجابي ليكون بيرقاً يشع بأنواره فيطبع في قلوب الوالهين من الخير الوفير للهدي من الضلالة والرقي في عالمٍ أين منه القمم الشامخة .
لذا لا يمكن لأي فرد من المجتمع الإسلامي إلا أن يكون له التأثير في معرفة الإسلام المحمدي الأصيل كلٌ وفق موقعه ومكانته الإجتماعية بين الناس ، فالطبيب على سبيل المثال لا الحصر يعطي من ثمار عمره ليبلسم جراحاً هنا وأوجاعاً هناك ، والمعلم يذوب في تلقين تلامذته زبدة مناهج التربية الأكاديمية ، وإذا ما أردنا التفصيل لن يتسع المقام لذلك .
من هنا يبرز قارئ القرآن بدوره الذي لا يقل أهمية عن غيره بل يزيد عن ذلك المقدرة في إيصال آيات الله المحكمات إلى أذهان من يستمع لتصب في القلب مباشرة وهو مفتاح البصيرة فتصبح روحه معلقة بشغف المعرفة لكل أوامر الله ونهيه جل وعلا ، فيكون بذلك صلة الربط الوثيقة بينه وبين الناس، وبذا يكون القارئ هو المرشد للمريد ومحققاً للفاعلية التي أمر الله به عباده المتقين وحسن أُولئك رفيقا .
وعندما سأل الحج "هيثم رعد" عن استخدام التقنيات الحديثة لتعليم وتدريس القرآن الكريم؟
قال هناك وسائل متعددة لتعليم القرآن الكريم وقد برز منها الكثير على صعيد التربية القرآنية منها ما هو بطريقة التلقين المباشر أو عبر الأجهزة الالكترونية ، وبما أن التطور في إستخدام التقنيات الحديثة أصبح متاحاً وبمتناول الجميع، علينا أن نسعى بكل جهدنا للإستفادة منها في هذا المضمار ، وقد أبدت تفوقاً على مدى الأعوام القريبة في تطور التعليم عن بعد بسبب الظروف التي مرت سابقاً ، والآن تلقى رواجاً لا بأس به ، وقد برز منها القرآن الإلكتروني الذي يساعد بشكل كبير على الحفظ والمراجعة ناهيك عن التطبيقات المتوفرة دون جهد على أجهزة الحاسوب والهاتف الذكي ، وقد تم مناقشة هذه الأمور كلها في ورش وفقت للمشاركة بها عبر الفضاء المجازي مع السادة في العتبة الحسينية المقدسة فرع قم المقدسة ، وطرح العديد من الآراء والأفكار للمساعدة في إستخدام تلك التقنيات بالإضافة إلى أساليب الحفظ المتنوعة وإستخدام مؤشرات الأداء في الحفظ والمراجعة والإستماع .
وعن التحديات التي قد يواجهها قارئ القرآن في الحفاظ على تلاوته الصحيحة والتزامه بأحكام التجويد؟
كان جواب الحج "هيثم رعد": في خضم هذه الحياة يتعرض الإنسان للعديد من المعوقات العملية التي قد تكون سداً منيعاً في بعض الأحيان أمام تطوره والمضي به قدماً نحو الرقي في مستوى القراءة بتدبر ومستنداً إلى الأحكام التجويدة ومراعاة العمل بها ، لذا عليه أن يجد ويجتهد في المحافظة عليها وتنميتها بشتى السبل ومنها الإعتماد على الإستماع الدائم لكبار القراء والمدارس التي أرست معالم هذه العلوم وأوصلتها إلى مستوى عال من التقدم على صعيد القراءة والحفظ والتفسير ، كما ولا بد أن يعطي من وقته بشكل يومي إهتماماً لائقاً بالقرآن الكريم من خلال المراجعة اليومية مراعياً أحكام التجويد وهذا ما يعطيه دافعاً للإستمرار ، مع حياته العملية دون أي تأثير سلبي عليها وهي من أصعب التحديات التي تقف عائقاً أمامه فالحاجة إلى العمل هو من أدنى متطلبات الحياة لتأمين العيش والإستمرارية فيها ، لذا ومن باب الحرص على تخطي كل التحديات التي قد ترد ترتيب الأولويات ونظم الأمور حينها يستطيع أن يمر بكل مرحلة دون الغفلة عن الأخرى وإعطائها ما يكفي من الوقت التي تستحق .
وفي السؤال عن الأنشطة والخدمات التي تقدمها جمعية القرآن الكريم لدعم وتحفيز حفظ وتلاوة القرآن الكريم في المجتمع؟
أجاب الحج "هيثم رعد ": بإجابة مختصرة أن جمعية القرآن الكريم هي مفتاح الولوج إلى عالم القرآن وعلومه ، وتعمل جاهدة لإيصال هذه العلوم إلى أكبر شريحة في المجتمع الإسلامي ، فتعمل على تنمية قدراته من خلال الدورات القرآنية المتنوعة من ألفها إلى يائها وتسعى إلى إستقطاب كل الفئات العمرية طبقاً للبرامج الموكلة بها ، وهي تؤدي ما عليها في كل المناطق على صعيد لبنان من خلال ما تم ذكره آنفاً بالإضافة إلى الإهتمام بالحفظة الكرام ، هذا عدا عن إقامة الأمسيات القرآنية والمحافل في المناسبات وأهمها في شهر رمضان المبارك .
وأضاف لكن هناك تمني على أن يتم متابعة هذا الطريق دون كلل أو ملل، بمعنى أنه لا يمكنني أن أفتتح دورة ما وبعد إنتهائها لا أقوم بمتابعة القارئ أو المتعلم إلى النهاية ولا فقط في المناسبات وينتهي الأمر، يجب علينا أن نأخذ من الجمهورية الإسلامية الإيرانية أنموذج خير في مدارس القرآن وأن نتعلم منهم - وهذا ليس بمنقصة - كيفية التعامل مع كل الفئات العمرية في كل المجالات ( قراءة وحفظاً وتفسيراً ) ولحفظة القرآن الكريم في إيران الباع الطويل في كونهم الحجة علينا لنستمد منهم العزم والإرادة ، ناهيك عن الأنشطة الدائمة والتي تعطي تحفيزاً لكل من يرغب بالنهل من علوم القرآن وحفظ آياته .
المقام لا يتسع للتوسعة أكثر والخوض في غمار ما يجب فعله ، أسأل الله التوفيق للجميع وأن يمنّ علينا بلطفه وكرمه أنه سميع للدعاء مجيب وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
نشاهد فی الذیل قطعة من التلاوة العذبة للقاری اللبنانی هیثم رعد: